mardi 2 août 2011

الطالبي يتارجح بين غرق الشيخوخة و الانفعالية الفكروية



الطالبي يتارجح بين غرق الشيخوخة 
و الانفعالية الفكروية
                                      بقلم :عبد السلام الزراع   


طالعتنا جريدة الصريح اليومية بمقال( الصريح 18 جويلية 2011)   للاستاذ محمد الطالبي تناول فيه الرد العنيف علي السلفية و اتهمها بالارهاب و بدى على السيد الطالبي الانفعال و التشنج في رده على الدعوات التي صدرت على حسب اعتقاده من ثلاثة منظمات ارهابية بهدر دمه

المنظمات على حسب اعتقاده هي التي اصدرت دعوات مختلفة تطلب بقتله لما صدر منه في الايام الفارطة من تطاول على المقدسات و هي=
*منهج السلف الصالح
* منظمة توحد الراية
* و شخص يطلق على نفسه ابو تميم التونسي

الاستاذ الطالبي كان   معروفا لذين يعيرون للفكر الاسلامي اهتماما  بالدرس و البحث لكن الذي اثار استغراب البعض خروجه عن المالوف  من الخانة التي صنف فيها و فق معايير البحث الاكاديمي المتزن و الرصين و هذه المقاييس لا يختلف فيها اثنان بوصفها المحك الذي  ينطلق منه الباحث او الدارس للفكر الاسلامي و الوقوع في مهاترات لا يجني منها الاالاتهامات و القلاقل و يردد و يعيد  انه لن يسكت من الان عن هؤلاء الذين يطلق عليهم بالسلفين.
ما قاله منذ اسابيع موجها كلامه الى رئيس حركة حزب النهضة قائلا << قل ما شات اما للعنف فلا مبرر له ؛ اذ سيقال انك تطورت لكني اشك في تطورك هذا من الرفض الكلي للديمقراطية الى الدعوة  اليها ؛لذلك اعتبر دعوتك غير صادقة لانك سلفي و السلفية و الديمقراطية لا يلتقيان ابدا؛ فالسلطة دعمت الديكتاتورية من ايام الخلفاء الراشدين (الصريح الاربعاء 1 جوان 2011)
كان رد الشيخ الغنوشي بكل ايجاز و وضوح << هل قرأت كتبي لتحكم علي سلفي و معادي للديمقراطية؟>>
لقد سال نفس السؤال على لسان الصحفي لطفي العماري  فاجاب الطالبي بالنفي  و علل ذلك بان كتب الغنوشي غير متوفرة في الاسواق التونسيبة بذريعة انها ممنوعة فاردفه بسؤال لا يقل احراجا عن سابقه 
<< لكنك استاذ انت تقيم بفرنسا و كتب الغنوشي متوفرة هناك و مشهورة و انت تشتغل علي الفكر الاسلامي >>
افصح الطالبي عن جهله بالحركات الاسلامية و بكل ما يكتب عنها  هذا ما اوقع الطالبي نفسه في مطبات كلما حاول الخروج منها سقط في المزيد من المغالطات و هو عن وعي بها لكن الكبر والتامر على الدين يحولان دون الاعتراف.
   
 الاستاذ الطالبي حاد عن هذا المسار و دخل في مهاترات فكروية كان لها الانعكاس السئء على شخصه و المساره  الفكري الذي قطعه لعدة سنوات و لذلك اخذ يخوض في مناظرات لم يعد لا سنه و لا قواه الذهنية في هذه المرحلة بالذات تسمح له بطرحها على الراي العام الذي لا يفرق بين مختلف المصطلحات الفنية فمن الحكمة تجنب هذا  << الغزالي الف كتابا سماه "لجم العوام على علم الكلام >> لمعرفته ان هناك مسائل فقهية و اصولية لا يمكن لذوي الاختصاص طرحها على العامة
 لكن الذي لاحظناه ان الخلفيات التي يحملها الاستاذ الطالبي تحول دون ذلك لم يوفق في اختيار الموضوع و في اختيار الوقت المناسب  اللذان اراد من خلالهما الدخول في مناضرات و جدال في مسائل خلافية عن طريق  وسائل الاعلام لا تتوفر فيها النزاهة و الحياد  كان من الموضوعية و الرصانة  تجنب  المواضيع الخلافية ذات شبهة لكي لا تقع البلبلة و التشويش لدى الراي العام تجاه مسائل يعتبرها من الثوابت  فوقع الطالبي  في براثن المنطق الصوري الارسطي و الاعيبه الجدلية العقيمة وغرق  في المنهجالاستنباطي  الى النخاع و انطلق من الكلي الى الجزئي الى ان توصل الى اصدار  لاحكام عامة غير موضوعية تصنفه في خانة المبتدئين في علم المنهج. .
و الغريب و المستغرب الخلط الفادح و المقصود بين مختلف الاصطلاحات الاسلامية بدون ادنى مجهود للوقوف على الفوارق الفنية لغرض ادخال القارئ في التباس و تشويش ؛يطلق لفظ  الشريعة على كل ما هو احكام تشريعية  أ صبح لا يفرق بين الشريعة بوصوفها احكاما قرآنية و الاحكام السنية و بين الاجتهادات الفقهية يقول الاستاذ الطالبي <كل من يحتكم الى الشريعة فهو سلفي و كل سلفي هو بالضرورة ارهابي> ثم يظيف الطالبي <السلفية بكل اصنافها و ابواقها واحدة تتقاسم الادوار ؛عاقل و سفيه؛الشئ الذي يدعو للاستغراب كيف استاذ في مقام الطالبي يجمع جميع اصناف السلفية في خانة واحدة  و قسمهم الى قسم ينظر ويقدم الرؤى و القسم الاخر يطبق و ينفذ ما امر بها الاول  في نظر الطلبي كل من يطبق الشريعة سلفي و كل سلفي ارهابي و كل ارهابي يؤمن بحكم الردة .
قاعدة القياس في المنطق الارسطي تكون على النحو التالي 
*الشريعة سلفية............(مقدمة كبرى)
* السلفي ارهابي...............(مقدمة صغرى)
* الشريعة ارهابية............(نتيجة)
الطالبي لم يخرج عن المنطق الارسطي الصوري الاستنباطي و هذا المنطق تجاوزه التاريخ و اصبح استقرائيا ينطلق من الجزئي الى الكلي عكس ما يقوم به استاذنا المحترم .
الطالبي لم يقف عند هذا الحد بل انكر السنة جملة و تفصيلا و اعتبرها من الاعمال البشرية كيف يقع الطالبي في مغالطة اخرى لا تقل فداحة عن سابقاتها  اقسام السنة ثلاث  السنة القولية * و السنة الفعلية * و السنة التقريرية 
 السنة القولية =هي التي نطق بها الرسول (ص) في اغراض و مناسبات متعددة كقوله <انما الاعمل بالنيات > و قوله <المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده>.
السنة الفعلية= هي السنة التي صدربت عن الرسول (ص) موضح للتشريع ليأخذ به المسلمون كالذي وقع منه في مناسك الحج و اعمال الصلاة و في المعاملات كالبيوع و التقاضي الي غير ذلك كاقامة الحدود.
السنة التقريرية = و هي سكوته عن الانكار عند رؤية شخصا يقول قولا او يفعل شيئا مع القدرة على الانكار سواء كان ذلك صادرا في حضرة الرسول(ص)  او بغيبته ثم بلغه لانه لا يسكت عن منكر من ذلك  . يقول الاستاذ الشيخ محمد الطاهر النيفر
< السنة هي مفتاح القرآن و نصف الدين و متممه له > قال تعالى< و انزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما انزل اليهم>
اذا جاء الشك حول السنة و هدمت اركانها فيتبع ذلك هدم الدين بل هدمت اغلب احكامه التي بنيت على السنة  تبيانا او تشريعا و بما انها متماسكة مع القرآن لا يمكن ان نفصل احدهما عن الآخر فاذا انهار احدهما انهار الآخر ( اصول الفقه الشيخ محمد الطاهر النيفر دار بوسلامة تونس )
الطالبي و شرب الخمر 
 ما الذي دفع بالاستاذ الطالبي الى الرجوع الى مسألة محسومة وقع البت فيها في الفقه الاسلامي ؟ ما الذي جعله يطرحها على العامة و في وسائل اعلامية خديجة تبحث عن الاثارة و احداث الفتن؟
هذه التسائلات لا نجد اجابة الا اذا عدنا الى الاسباب الاولى التي دفعت بالطالبي الى توخي اسلوبا اقل ما يقال عنه استفزازي و مغرض.
 في المناضرة الفريدة التي دارت بينه و بين الشيخ عبد الفتاح مورو غلى امواج شمس اف ام يقول الطلبي في هذا الشأن 
< بسط الشيخ مورو نظرية اهل الاسنة في تحريم الخمر على التدريج (البقرة 219 النساء43 المائدة90 91 )
و اضاف قائلا< ان فعل اجتنب الذي فسره اللسان و التاج العروس بمعنى لا يفيد التحريم >
و يختم بالقول ان الرسول (ص) كان يشرب النبيذ و ذكر ان العباس عم الرسول (ص) سقاه النبيذ في حجة الوداع  فشرب كبقية الحجاج>>
المغالطة الاولي ان اجتنبوه لا تفيد التحريم 
المغالطة الثانية ان الرسول (ص) كان يشرب النبيذ 
عن ابن عمر قال رسول الله< لعن الله الخمر و شاربها و بائعها و مبتاعها و عاصرها و معتصرها و حاملها و المحمولة اليه>
عفوا ان الطالبي لا يعترف بالستة,
الآيات التي وردت في التدرج في تحريم الخمر=
<< يسألونك عن الخمر و الميسر قل فيهما اثم كبير و منافع للناس و اثمهما اكثر من نفعهما>>
(البقرة219)
<< يا أيها الذين آمنوا لا تقربو الصلاة و انتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون >>
النساء43)
<<يا أيها الذين آمنوا انما الخمر و الميسر والانصاب و الازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة و البغضاء في الخمر و الميسر و يصدكم عن ذكر الله و عن الصلاة فهل انتم منتهون>>
(المائدة 90 91 )
منتهون عند الطالبي لا تفيد التحريم .

اما مسالة النبيذ = هل يعقل ان الرسول (ص) يشرب النبيذ المسكر ؛ نعم لقد شرب النبيذ المحلى غير المسكر و كانت العرب معتادة على ذلك في العصر الجاهلي 
عن سهل ابن سعد قال دعى ابو اسيد الساعدي رسول الله  في عرسه و كانت امراته يومئذ خادمهم و هي العروس و قال سهل تدرون ما سقت رسول  الله  (ص) انقعت له تمران من الليل فلما اكل سقته اياه و ما كره من نقيع الزبيب و غيره من تمر على ما تغير و كاد يبلغ حد الاسكار و في الحديث هنا ان المدة التي ذكرها سهل و هو من اول الليل الى اثناء نهاره لا يحصل فيها التغيير جملة.
لكن الاستاذ الطالبي يتعمد المغالطة و تزييف الحقائق غاية التشويه و التفتين.
 الخاتمة=

الافكار التي ادعى فيها الطالبي انكاره للسنة نقلها عن المستشرق اليهودي قولد سهير (1921_1850) الذي قال عن السنة في كتابه " دراسات اسلامية " ان الحديث لم يدون الا في الوقت الثالث للهجرة و ان المسلمين كانا طوال تلك الفترة لا يعرفون الحديث و لا يعملون به. 
(عن د.حمادي العبيدي الفجر 22 جويلية 2011)
لكن تاريخيا انكار حجية السنة ظهرت في البصرة في العصر الاول للاسلام ؛ فالبصرة كانت ثغرا للتجاريا فترد عليها المتاجر من الفرس و الهند و مع تلك البضائع تأتي الملل و النحل من كل مكان 
(ص 47  اصول الفقه محمد الطاهر النيفر دار بوسلامة للنشر تونس)
و نكران حجية السنة رد عليها الشافعي في كتابه" جماع العلم"التي تقول فلا حجية الا في القرآن و لا دليل الا ما كان ممستمدا منه و معتمدا منه.
اذن الاستاذ الطالبي لم يأتي بجديد سوى انه اعاد الجدل الذي كان  من مختلف الملل و النحل التي ظهرت في العصر الاول من الاسلام لغرض تغذية المآزم و المشاحنات الفؤوية الضيقة.
لسنا من  الذين يهيمن عليهم هاجس الفكر التآمري لكن في قضية الحال لا يمكن فصل بعض الوقائع و الاحداث السياسية لتكون لنا منطلقا لسبر غور الخلفيات الفكرية و الايديولجية لالسيد الطلبي  مأخرا طلعتنا جريدة الفجر بمقال تروي لنا قصة مفادها ان الطالبي
 شارك في ملتقى بفرنسا و تولى الفتتاحية بنفسه منوها بالقزدغلي في 
ملتقى تاريخي انعقد 22 *25 مارس 1999 هذا الملتقى ضم لاول مرة مجموعة من المؤرخين من تونس و فرنسا و الدولة العبرية 
و من بين المشاركين 
***عبد الحميد الارفش 
***و العربي شويخة* 
***عبد الواحد المكني 
***عبد الكريم العلاقي 
هؤلاء موجودون في الهياة العليا لتحقيق اهداف الثورة و الاصلاح السياسي و الانتقال الديمقراطي 
(المصدر الفجر  3 جوان 2011)   
عندما نقرا هذا لا نملك الا القول ان كل الذي يقوم به الاستاذ الطالبي الا مسرحية قذرة تصب في مصحلة اطراف اجنبية لعل الاحداث القادمة ان شاء الله تكشف لنا عن خباياها.
عبد السلام الزراع